إسلام عنان يكشف جهود مصر في القضاء على فيروس سي
قال الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الصحة والسياسات الصحية وانتشار الأوبئة بجامعة مصر الدولية، إن فيروس سى يحدث نتيجة عدوى ناجمة من الالتهاب الكبدى الوبائى، وقد يكون الفيروس قصير الأمد بحيث يمكن أن يختفى تلقائيا بدون علاج فى 30% من المصابين، أو يكون مزمنا على المدى الطويل ويسبب مضاعفات إلى الـ70% الآخرون.
اقرأ أيضا .. د. إسلام عنان يكتب: لماذا لا نخترع أدوية في مصر
إسلام عنان
وأوضح عنان، في تصريجات لمجلة آخر ساعة، أن التقديرات تشير إلى أن ما بين 130 إلى 150 مليون شخص على مستوى العالم يعانون من التهاب الكبد المزمن سى، أى حوالى 3% من سكان العالم.
وأشار إسلام عنان، إلى أن من أهم هذه المضاعفات الإصابة بتليف الكبد بنسبة 15 – 30% خلال 20 عاما من الإصابة بالفيروس لـ93% من المرضى الذين يكونون أكثر عرضة لاحقا بالإصابة بسرطان الخلايا الكبدية (HCC) الذى يعد أكثر أنواع السرطان شيوعًا فى مصر وجميع أنحاء العالم.
وأكد عنان، أن علاج فيروس سى بشكل مبكر وفر على المرضى والدولة الكثير من تكلفة المضاعفات الأخرى، لافتًا إلى أن رحلة العلاج مرت بثلاث مراحل، وكانت المرحلة الأولى تتطلب تسجيل المواطنين بياناتهم بشكل “أونلاين” ما كان يشكل صعوبة على غالبيتهم خاصة كبار السن، بالإضافة إلى أن العلاج المتاح حينها كان مستوردا من الخارج فى شكل حقن أسبوعية هى (الإنترفيرون)، وكانت تكلف المريض الواحد حوالى 100 ألف جنيه، وتم علاج نحو 300 ألف مريض على نفقة الدولة حتى عام 2014 وكانت نسب شفاء العلاج لا تتعدى 50% فقط، والإنترفيرون له مضاعفات وآثار جانبية عديدة. حتى تم البدء فى المرحلة الثانية وإجراء المسح القومى مجددًا عام 2015، وحينها تم اكتشاف حوالى 8.7% مصاب بفيروس سى أى حوالى 7 ملايين من الشعب المصري.
السوفالدي
ووقتها كان العالم أجمع قد بدأ يتجه للعلاج الفموى بعقار السوفالدي المستورد الذى يحقق نسب شفاء تصل إلى 99%، ولكن كانت تكمن المشكلة فى ارتفاع سعر الدواء بشكل مبالغ فيه، فكان يصل سعر الدواء للمريض الواحد فى أمريكا 80 ألف دولار ما كان يشكل عائقا كبيرا فى علاج أكبر عدد من المرضى على نفقة الدولة، حتى تم التمكن من التفاوض مع الشركة المنتجة لتخفيض سعر الدواء بنسبة 1% ليصل متوسط سعر علاج المريض الواحد الذى يستغرق 3 أشهر 3500 جنيه مصرى.
اقرأ أيضا .. مشاركة دكتور إسلام عنان في النسخة الثانية من معرض ومؤتمر صحة أفريقيا
وتابع إسلام عنان، “أخيرا تم التشجيع على إنتاج محلى لعقار السوفالدى ليخفض تكلفة العلاج إلى 600 جنيه فقط للمريض الواحد ما أعطى الفرصة لعلاج الملايين بالمجان، وتم شفاء نحو 2.5 مليون مريض بنسبة شفاء 99% دون آثار جانبية للعلاج كما كان يحدث من قبل، علما بأن زيادة عدد وحدات الكشف المبكر ووجودها فى العديد من الرعايات الأولية كان له سبب فى إقبال العديد من المواطنين على الكشف وتلقى العلاج، مما وصل لأكبر عدد فحص على مستوى العالم وتشخيص 5 ملايين إصابة منهم وتلقى العلاج لـ4.5 مليون مواطن”.
ويرى عنان، أن تقييم نجاح المبادرة يتم على أساس صحى واقتصادى، فمن الناحية الصحية تم علاج 4.5 مليون مواطن وإنقاذ حياة الآلاف الأكثر عرضة للإصابة بمضاعفات التليف والوفاة، أى أن المبادرة قللت الوفيات بنسبة “مليون سنة حياة”، ولاشك أن عامل السرعة كان له دور هام فى ذلك، فبعد أن كان من المخطط للمبادرة الكشف على المواطنين خلال 3 سنوات، تم الفحص فى فترة 18 شهرا فقط.
عائد اقتصادي
ومن الناحية الاقتصادية، استطاعت مبادرة الكشف عن فيروس سي توفير 23 مليار جنيه على الدولة المصرية، بمعنى أن كل جنيه تم صرفه على الحملة يعود ثانية بنسبة 3.60 جنيه، بما يعادل عائدا استثماريا بنسبة 2.60%.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أنشأت وزارة الصحة المصرية مركزا خاصا بها لمتابعة الحالات هاتفيا وإخبارهم بمواعيد المتابعة الصحية، فضلا عن تدوين سجلات أخرى لمرضى التليف الذين أصيبوا بأورام الكبد والذين وصل عددهم إلى ما يقرب من 60 ألف شخص، ليتم متابعة حالتهم الصحية وتلقى العلاج اللازم فى المراحل المبكرة سواء كان على نفقة الدولة أو تحت مظلة التأمين الصحى.
وبشكل عام يتم عادةً الوقاية من سرطان الكبد عن طريق الكشف المبكر عن عوامل الخطر الأولية وعلاج عوامل الخطر الثانوية والوقاية أو الحد من انتكاسة سرطان الكبد بعد العلاج الفعال.