الموقع الرسمي للدكتور اسلام عنان

إسلام عنان يكتب.. مخاطر عدم المساواة في توزيع لقاحات كورونا

كتب الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة مصر الدولية، مقالا في جريدة المصري اليوم، يوم 23 أبريل 2021، تحت عنوان “مخاطر عدم المساواة في توزيع لقاحات كورونا“.

 

وجاء نص المقال كالتالي:

 

تزيد الوفيات وحالات الإصابة الشديدة بفيروس كورونا بين العاملين في الرعاية الصحية والمواطنين فوق 65 عامًا، ومن يعانون من الأمراض المزمنة.

 

لذلك إذا تمكنا من إعطاء اللقاحات لهذه الفئات الضعيفة فستنخفض نسبة الوفيات بطريقة ملحوظة ونتجنب التكدس في المستشفيات، وعليه يجب أن يكون العام الحالى هو الذي يتم فيه تطبيق هذه المساواة بين الدول بنسبة 20 إلى 25٪ من سكان كل دولة، للوصول إلى مناعة القطيع من خلال الوصول من 50% إلى 70%، من المواطنين ليكونوا محصنين بالكامل.

 

اقرأ أيضا .. إسلام عنان يكتب.. كيف نجحت دول عربية دون أخرى في الوصول لخطة تلقيح فعالة ضد كورونا؟

 

حتى مارس الماضى تم إعطاء 292 مليون جرعة لقاح، أي ما يقرب من 3.7٪ من سكان العالم، وإذا لم نُسرّع من وتيرة عملية التلقيح هذه فلن تنتهى قبل يونيو 2025، على أن تكون النتيجة تلقيح نحو 70٪ من سكان العالم، وبسبب النقص في التصنيع والإمداد فإن الإنصاف والمساواة في توزيع اللقاح سيضمنان وصوله إلى 20٪ من سكان العالم معًا، وبالتالى تحييد المرض، ولكن هذا لن يحدث.

 

وبالنسبة للعالم العربى، فيمكننا أن نجد دولًا عدة تذهب في الاتجاه الصحيح لتحييد خطورة الفيروس، فمثلًا وصلت الإمارات إلى ما يقرب من 63٪ من سكانها، وبهذا المعدل سيصلون إلى 70٪ من التلقيح الكامل (جرعتان) بحلول يوليو 2021، لتصبح الدولة الثانية على مستوى العالم من حيث النسبة المئوية للسكان المغطاة.

 

ويمكن تصنيف الدول العربية إلى 3 فئات: الأولى تلقيح سريع، وهذه الدول ستصل إلى الهدفين بحلول عام 2022 مثل دول مجلس التعاون الخليجى، والفئة الثانية (تلقيح بطىء) وتطمح للوصول إلى 20٪ من السكان (الفئات الأكثر عرضة) بنهاية عام 2021، مثل دول شمال إفريقيا مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، أما الفئة الثالثة (لا تلقيح) حيث لا توجد صفقات أو صفقات محدودة للغاية لبدء التلقيح حتى الآن، مثل دول النزاع أو مناطق الحرب في الشرق الأوسط (اليمن وسوريا والعراق).

 

بهذا يجب على منظمة الصحة العالمية ومبادرتها (كوفاكس) مع المنظمات غير الحكومية والدولية، أن تكون لها سلطة أكبر على ظاهرة قومية اللقاح، لأنه حتى الآن لا توجد إرادة حقيقية لإصدار قيود واضحة ضد قومية اللقاح من قبل أي منظمات دولية باستثناء بعض الإعلانات الصادرة عن المنظمة، وبالتأكيد عدم المساواة في توزيع اللقاح سيؤدى إلى أحد الأمرين أو كليهما، الأول انهيار للاقتصاد العالمى، لأن انتشار الفيروس في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل سيؤدى إلى تكدس كبير في المستشفيات ووقف عجلة الإنتاج، وبالتالى نقص الناتج القومى، وبالتأكيد الأزمات الاقتصادية المحلية ستؤدى إلى أزمات عالمية.

 

الأمر الآخر ظهور سلالات للفيروس مقاومة للقاح، لأن انتشار الفيروس في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل قد يعزز فرضية ظهور السلالة المقاومة، وقد تضرب العالم مرة أخرى بما في ذلك الدول الغنية، ما يعنى أنه سيتم إنفاق كل المال والموارد والوقت لإعادة التلقيح كما يحدث اليوم.

 

وهناك عدة حلول للوصول لعدالة التوزيع، أولها نقل تكنولوجيا إنتاج اللقاح للدول العربية مثل مصر التي تعد أكبر مصنع للمستحضرات الصيدلانية، وهناك الأردن والجزائر والسعودية، وهناك بالفعل مثل هذه العملية كالصفقة بين مصر و«سينوفارم»، والتى ستمكن مصر من التطعيم والتصدير إلى إفريقيا والشرق الأوسط، إضافة إلى قيام «مبادرة كوفاكس» بتثبيت الجدول الزمنى عن طريق الضغط السياسى على مصنعى اللقاحات ودولهم الأصلية لإلزامهم بالجدول الزمنى، ولا ينبغى أن تتحكم «كوفاكس» في إرسال اللقاح فحسب، بل يجب أن تتحكم أيضًا في سلسلة التوريد والتتبع حتى وصول اللقاحات لمستحقيها في الدول المنخفضة والمتوسطة لتجنب السوق السوداء، ويجب على الحكومات محاولة توسيع تقنيات الفرز والكشف الخاصة بها لمعرفة الحجم الحقيقى للوباء، خاصة أن الأرقام المعلنة تمثل نسبة ضئيلة من الرقم الفعلى، مما يقلل من أهمية إمداد هذه الدول باللقاحات في الوقت المناسب، كما أنها قد لا تحظى بالأولوية في الجدول الزمنى.

قد يعجبك ايضا